لا أريد أن يتهمني أحد بمعاداة الروس ولا الأوكران، ولكن ما رأيته من تجربتي هناك، وتؤكده بعض الأفلام التي صورت في هذه الأنحاء، يؤكد أن نسبة كبيرة من أهل هذه الشعوب لا يرحبون بالأجانب، ولا يعتادون قربهم منهم بسهولة، وأن نسبة منهم طيبون، غير أن استدعاء هذه الطيبة ليس بالشيء اليسير، وأنها قد تأخذ سنوات من العشرة قبل أن تظهر لك.
الأمان هناك مفتقد إلى درجة كبيرة، نسبة الجرائم تتزايد خاصة تلك المقيدة ضد مجهول، ويعتبر هذا من تداعيات انهيار الاتحاد السوفيتي، كما قالت لي «بابوشكا» و«أولينا» و«ليليان»، و سأقص عليك كيف تعرفت عليهن، وماذا فعلنا معًا وسأدعوك أيضًا للخروج معنا يومًا للشواء، فلن نستطيع أن نذهب للشواء بدونهن، أقصد بدون عائلة أوكرانية معنا، وإلا تعرضت حياتنا جميعًا للخطر.
أكمل حديثي معك الآن عن الشعب الأوكراني، وأحدثك عن النساء في بلاد الروس، فجمالهن أخاذ بشكل غريب، وذلك يبرر دعوات بعض الصديقات لي عندما عرفن أن وجهتنا القادمة هي أوكرانيا: «كان الله في عونك».
لماذا؟ ما الذي سيحدث لي هناك؟ وما الخطر الذي تمثله الأوكرانيات علينا؟!
عرفت بعدها أن لهن الحق، فالجمال هنا يحيطنا بل يحاصرنا، فالحسناوات كثيرات في كل مكان، في الشارع، في المدارس، في مقار الأعمال، حتى في سوق اللحم والخضراوات، الخادمات أيضًا، وفي الطبيعة الخضراء الساحرة على أعتاب كييف العاصمة، حيث الغابات الكثيفة الأشجار، حيث الأنهار والأشجار العالية، وخضرة تغلب على المكان، خاصة في فصل الخريف.
النساء دائمًا أنيقات، ينفقن الكثير على أناقتهن وماكياجهن وصبغة شعورهن، ميسورات الحال كنّ أو فقيرات، فالمعاطف الشتوية هي الزي الشائع في الشتاء الطويل الذي تصل درجاته أحيانًا لـ35 تحت الصفر.
أما الرجال الأوكران، فلست متحيزة ضدهم عندما أقول إن مظهرهم غالبًا غير مهندم، فهم عكس النساء، لا يعتنون بمظهرهم كثيرًا، ولا تتعجبوا إن رأيتم أحدهم في صباح يوم يترنح في أحد الشوارع، وبيده زجاجة خمر، بالمناسبة زجاجات الخمور الفارغة منتشرة على جوانب الطرق، وجوانب الحدائق بشكل يعد لافتًا للنظر، وهذا لا يمنع أن هناك نسبة قليلة ممن يعتنون بمظهرهم، ويرتدون البدل الغامقة اللون ورابطة العنق الأنيقة، مثل بعض جيراننا في البناية التي كنا نسكن بها هناك.
انتشار الجريمة هناك يفسر النسبة المرتفعة لتملك الكلاب، من كافة الفصائل، المتوحشة وغير المتوحشة.
أذكر عندما فتحت باب شقتي يومًا لأجد باب جارة لي يفتح، فتطلعت للتعارف عليها، ليسبقها في الخروج كلب صغير، ما أن رآني حتى فتح صوته وأخذ ينبح بشدة في وجهي، وجرى فجأة باتجاهي.
قفلت بابي، تاركة نظراتها اللائمة، وكأنها تقول لي ما ذنب كلبي الصغير لتنهريه بهذه القسوة؟
فقط حينها شعرت من نظرتها بأنني كمن أجرمت في حق كلبها الصغير.